أ.د. محمد الرصاعي
حصول المواطنين على المعلومات السياسية لا شك هو وراء بناء الفكر المستنير لديهم، وبالتالي تنمية سلوك المشاركة السياسية وتعزيز الكفاءة الديمقراطية، وفي هذا الصدد يقول علماء النفس السياسي أن المعلومات السياسية هي عملة المواطنة الصحيحة، والدافع للبحث عن دور في عملية صنع القرار السياسي. في الواقع ولأسباب عدة تتباين فرص اكتساب هذه المعلومات فتتوزع على نحو غير عادل، فنجد في المجتمع من يمتلك أقل القليل عن السياسة فيما يعرف آخرون الكثير للغاية.
المعرفة السياسية تمهد الطريق لبناء الاتجاهات والانفعالات لدى المواطنين إزاء العملية السياسية وطبيعة المشاركة والأدوار، ثمَّ الدفع صوب ممارسات حقيقية، ولأنَّ الانفعالات تتباين لدى المواطنين وتتعدد اتجاهاتهم صوب العملية السياسية والكيفية التي تدار من خلالها، يبدأ تكون كتل جماهيرية ذات نظم فكرية وقد تكون عقدية متباينة، وهي ما يكوِّن الأطر العامة للأحزاب السياسية في الدولة.
تعزيز الوعي السياسي والمعرفة بتفاصيل العملية الديمقراطية مَهمَّة يتوجب القيام بها من جهات عدة في المجتمع وفي مقدمتها الاعلام بوسائطه المتعددة وقدرته على الوصول إلى جميع فئات المجتمع وطبقاته محققاً مفهوم الاتصال السياسي، إن الاعلام الهادف إلى المساهمة في تعزيز الديمقراطية يعمل من خلال بناء الأطر التي تجعل أعداداً كبيرة من الناس يفكرون في السياسة بعمق وبمناحي مختلفة، وتعتبر الانتخابات أهم الممارسات السياسية المتاحة لجميع المواطنين وتمثل فرصة كبيرة لتنمية الاهتمام بالعملية السياسية حيث يزداد الميل للإصغاء للمعلومة والمعرفة السياسية حول آليات الترشح والانتخاب والمفاضلة بين البرامج الانتخابية التي تطرحها الاحزاب السياسية حول العديد من القضايا الوطنية.
قانون الانتخاب الجديد لدينا في الأردن تميز في خلق حالة من التساؤل الجماهيري أو الجمعي حول العديد من تفصيلاته المتعلقة بالترشح وتشكيل القوائم والأسس التي تستند إليها نظم هذا القانون، وقدرته على تعميق التجربة السياسية الأردنية، وفسح المجال للأحزاب لقيادة العملية السياسية، وإزاء حالة البحث عن المعلومة والمعرفة السياسية يبرز الدور المحوري للإعلام في تشكيل الأطر المعرفية وتوجيه اهتمامات المواطنين نحو المشاركة السياسة من خلال الانتخابات والذهاب للصناديق، وقبل ذلك بناء توجهات سياسية تجعلهم يأتلفون في مجموعات يتفق كل منها على برامج ورؤى مشتركة،وحينها تظهر الأغلبية التي يؤيد طروحاتها نسبة كبيرة من الشعب في مقابل المعارضة التي ترى رؤى مختلفة وحينها تتجذر الديمقراطية في فكر وسلوك الأفراد.
طبيعة المعلومة التي يتوجب على الاعلام تزويد الجمهور بها تتصف بالحياد وفي ذات الوقت تؤسس لدوافع قوية للممارسة السياسية والنجاح في صناعة تفاعلات اجتماعية إيجابية وراقية، والعمل على المساهمة في بناء فكر المواطن الديمقراطي القادر على فهم المشهد السياسي والذي تتشكل لديه الولاءات السياسية وفق قناعات راسخة وقوية.
Rsaaie.mohmed@gmail.com